انتهت العطلة، عطلة الأضحى المبارك وعطلة السيدة العذراء... واصبح بالإمكان القول: بأية حالٍ عدت يا عيد أو يا عيدان؟
***
الأعياد، وعلى رغم الأوضاع السيئة، فإنها شكّلت متنفسًا للناس سواء المقيمين منهم أو المغتربين الذين قرروا ان يمضوا عطلاتهم بين أهلهم في لبنان، ولكن ماذا بعد "فسحة" العيدين؟
بدأت الحركة تخف تدريجيًا سواء في الاسواق التجارية أو في الفنادق أو في المطاعم، وبدأت الصرخة تتصاعد سواء من الافراد أو من المؤسسات.
هذا الواقع غير مستثناة منه أي منطقة في لبنان، سواء أكانت مصنفة أو عادية، في هذه الحال كيف سيتعاطى معه المعنيون المولجون هذه الملفات؟
***
الصرخة مدوية في كل القطاعات :
هناك الاكثر إلحاحًا. هناك المُلح. هناك الذي ينتظر ولكن ليس كثيرًا :
ما هو اكثر الحاحًا هو قضية النفايات التي لم تعد تُحتمَل لا على مستوى الأَضرار البيئية ولا على مستوى المضاعفات الصحية من اوبئة تصيب الانسان والمزروعات.
الامراض الجلدية تتفشى وكذلك الامراض المستعصية.
وهذه المشكلة بكل مضاعفاتها ومفاعيلها لاحقت رئيس الحكومة الى واشنطن حيث كان له موقف عالي السقف، خرج فيه احيانًا عن هدوئه في هذا الملف لكن من دون ان يعطي حلولًا، فكشف قائلًا:
حين أعود إلى لبنان سيكون لدي كلام واضح وصريح في موضوع النفايات، وأنا أرى أن هذا الموضوع يتخذ طابعا مؤسفا، طائفيا ومذهبيا، وهذا أمر مقزز أننا وصلنا إلى مكان أصبح فيه المواطن لا يعرف نفسه ما الذي يقوله. هناك من يقول أنه لا يريد أن يستقبل النفايات، فلنمنع بعضنا إذا من الذهاب إلى المنطقة الفلانية لتناول العشاء مثلا، لأنك إذا تعشيت في هذه المنطقة يجب أن تأخذ نفاياتك معك وتعيدها إلى منطقتك. هذا الأمر أصبح "مسخرة".
فعلاً وبكل قهر أصبح الناس مسؤولين عن النفايات دولة الرئيس؟
أما الذين أصبحوا فوق معدل الثراء فشركتهم معروفة وقد كانت على مدى عشرين عاماً، تتقاضى سعراً خيالياً بدل الفرز والمعالجة أعلى بأربعة اضعاف عن البدل الحقيقي العادل، ولا ملامة على حضرة صاحب الشركة وشريكه في هذا الأمر.
هناك أشخاص لا يفكرون بما يقولون. يمكن أن يأتي من يقول لك أنك إذا أقمت محطة كهرباء في هذه المنطقة فيجب أن تخدم هذه المنطقة فقط. لكن حين أعود إلى لبنان سيكون لدي كلام واضح وصريح في هذا الموضوع وستكون لدي حلول بأن تفرض الدولة قراراتها وانتهينا.
كذلك الأمر مع معاناة هذه المرة: الناس هم المسؤولون عن قطاع الطاقة؟ وحتماً ليسوا هم من أوصل كلفة الكهرباء الى 35 مليار دولار ديوناً على الدولة.
***
هذا الكلام انْ دل على شيء فهو يدل على عمق المأزق الحكومي في موضوع النفايات. ومن الاساس تمت معالجة ملف النفايات بخلفية الربح وليس بخلفية ايجاد حل نهائي :
فقضية المحارق اشتُمّت منها رائحة صفقة .
وقضية إيجار الاراضي لتحويلها الى مكبات، اشتُمّت منها رائحة صفقة، ولو حُلت مسألة النفايات بطريقة علمية من دون ان يحاول البعض "ابتغاء" الربح، لَما وصل الجميع الى المأزق. أما الكلام العالي النبرة فلا يحل أي قضية . "فعلا يدري من يعيش".
***
رئيس الحكومة توّج زيارته لواشنطن بلقاء وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو .
قبل لقاء بومبيو كانت للرئيس الحريري سلسلة لقاءات على مدى ثلاثة ايام.
مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى ديفيد شينكر أبلغ الرئيس الحريري اهتمام إدارته المستمر بعمل الحكومة وبدعم جهود الجيش اللبناني والقوى الأمنية لتوفير الاستقرار.
فيما علق وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية ديفيد هيل، الذي مهد للقاء الحريري مع بومبيو، أهمية كبيرة على زيارة رئيس الحكومة اللبنانية في هذا الوقت لواشنطن لمناقشة مجموعة من الملفات وأبرزها:
ـ التجديد لليونيفيل.
ـ اهتمام المؤسسات الأميركية بالاستثمار في قطاعي النفط والكهرباء.
- الرئيس الحريري التقى ايضًا رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس.
وقد سئل الرئيس الحريري عن آخر تصريح لمسؤولي صندوق النقد الدولي أعربوا فيه عن عدم حماستهم للعمل في لبنان؟
أجاب: "صندوق النقد الدولي ينظر الى الوضع المالي بشكل محدد، أما البنك الدولي فهو شريك لنا، وننفذ العديد من المشاريع معه، ولا شك ان الارقام في لبنان صعبة، وهو ما نحاول ان نقوله، فقط اقررنا موازنة عام 2019، التي كانت صعبة، لكنها مسار، ويجب ان ننظر الى الموازنات اليوم، كما انجزنا موازنة عام 2019.
طبعاً البنك الدولي هو من يؤمن القروض الى لبنان ويشرف على تنفيذها على الارض لكن أين "تكمن الحبكة": هل البنك الدولي سيرسل جحافل على الأرض؟ أم المنفذون هم هم "محليون"، مقيمون، اثرياء، حتى لا تهزهُم إعصار "ليكيما".
***
لكن على رغم "الايام اللبنانية" في واشنطن، فإن العبرة ستكون في "الايام اللبنانية" في بيروت :
ماذا ستستطيع الحكومة ان تقوم به في ما تبقّى من أيام هذا الشهر؟ هل تستطيع ان تعقد اكثر من جلسة لمجلس الوزراء؟ ما هي الخطوات التي ستتخذها من اجل ان تكون مقررات سيدر قد بدأت تدخل حيز التنفيذ؟
السؤال الاقسى هو: ما الذي يدفع نحو عشرين دولة ومؤسسة دولية إلى المشاركة في مؤتمر لدعم دولة صغيرة كلبنان متوسطة تحتل المرتبة العالمية الـ٨٣ من حيث الحجم الاقتصادي، والمرتبة ١٣٨ وفق مؤشر الفساد، وتُعتبر ثالث بلد في العالم من حيث حجم الديون؟
هذا هو السؤال المحير الذي لا يجد احدٌ جوابًا له الى اليوم.
وقد لا يجدون الجواب.